قال تعالى: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم [التوبة :100].
يقوم الإمام الطحاوي رحمه الله: ونحب أصحاب رسول الله . ولا نفرط في حب أحد منهم ولا نتبرأ من أحد منهم ونبغض من يبغضهم ولا نذكرهم إلا بخير. وحبهم دين وإيمان وإحسان وبغضهم كفر ونفاق وطغيان.
فمن هم الصحابة؟ وما هي مكانتهم؟ وما سماتهم؟ وما موقف المسلم منهم؟
الأصحاب: جمع صاحب والصاحب اسم فاعل من صحبه يصحبه وذلك يقع على قليل الصحبة وكثيرها([1]).
اصطلاحا: والصحابي هو من لقي النبي وكان مسلما ومات مسلما من غير ارتداد طالت صحبته أم قصرت([2]).
وينبغي أن تعلم:
أن أفضل وخير أمة محمد هم الأصحاب رضي الله عنهم جميعا للحديث: ((خير أمتي قرني))([3]).
ولن يبلغ أحد ما بلغه الأصحاب من المنزلة عند الله عز وجل للحديث: ((لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه))([4]).
إن علماء الإسلام أجمعوا على أن الصحابة كلهم عدول ولا يجوز للمسلم أن ينتقصهم بل الواجب ذكر محاسنهم والإعراض عما شجر بينهم.
يقول الإمام أحمد: (إذا رأيت أحدا يذكر أصحاب رسول الله بسوء فاتهمه على إسلامه)([5]). وللحديث: ((أن الله اختارني واختار لي أصحابا جعل لي منهم وزراء وأنصارا وأصحابا فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا))([6]).
وأما ما هي مكانتهم؟:
فإنهم مرضي عنهم رضاء ثابتا في الكتاب والسنة :
في الكتاب قوله تعالى: لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليه وأثابهم فتحا قريبا [الفتح:18].
وفي السنة: ((الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي من أحبهم فقد أحبني، ومن أبغضهم فقد أبغضني، ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه))([7]).
والأصحاب كلهم عدول ولا يبحث عن عدالتهم في رواية ولا شهادة وهذا ما أجمع عليه السلف والخلف. والطعن فيهم هو طعن في المنقول عنهم من كتاب وسنة. يقول أبو زرعة: (إذا رأيت الرجل ينتقص الأصحاب فاعلم أنه زنديق وذلك لأن الرسول حق، والقرآن الكريم حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة وهؤلاء الزنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة فالجرح بهم أولى)([8]).
والصحابة هم الذين حملوا راية الإسلام إلى الدنيا كلها بجهادهم وتضحياتهم وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأبناء غضبة لله ورسوله، ونحن مدينون لهم بإسلامنا وهدايتنا بعد الله عز وجل. جزاهم الله عنا خير الجزاء، وأثابهم أعظم الثواب وأكرمه، يقول ابن حزم: (الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعا لقوله تعالى: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى . فثبت أن جميعهم من أهل الجنة وأنه لا يدخل أحد منهم النار)([9]).
وأما سمات أصحاب رسول الله :
قوة في اليقين: لما نفى عثمان أبا ذر إلى الربذة، حضر أبا ذر الموت بكت امرأته فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: أبكي لأنه لا يدان لي بتغيبك وليس لي ثوب يسعك، قال: فلا تبكي، فإني سمعت رسول الله يقول لنفر أنا منهم: ((ليموتن منكم رجل بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين. وليس من أولئك النفر رجل إلا قد مات في قرية وجماعة من المسلمين وأنا الذي أموت بفلاة، والله ما كذب ولا كذّبت فأبصري الطريق)). فقالت: أنى وقد انقطع الحاج وتقطعت الطرق! فكانت تشد إلى كثيب تقوم عليه تنظر ثم ترجع إليه فتمرضه، فبينما هي كذلك إذا هي بنفر، فألاحت بثوبها فأقبلوا، قالوا: مالك؟ قالت: امرؤ من المسلمين يموت تكفنونه؟ قالوا: ومن هو؟ قالت: أبو ذر ،ففدوه بآبائهم، وأمهاتهم حتى جاؤوه، فقال: أبشروا، فحدثهم الحديث الذي قال رسول الله ([10]).
الأخذ بالعزائم والبعد عن الرخص:
في الطاعات: عبد الله بن الحارث الباهلي: أتى النبي فقال: ((يا رسول الله أنا الرجل الذي جئتك عام الأول، فقال: فما غيّرك وقد كنت حسن الهيئة؟ قال: ما أكلت طعاما إلا بليل منذ فارقتك، فقال رسول الله : ((لم عذبت نفسك صم شهر الصبر ويوما من كل شهر قال: زدني فإن بي قوة، قال: ((صم يومين)) قال: زدني، قال: ((صم من الحرم واترك))([11]). أي الأشهر الحرم ذو العقدة، وذو الحجة والمحرم ورجب.
في طلب الشهادة: دخل عمر المسجد والنعمان بن مقرن يصلي فقعد إلى جنبه فلما قضى صلاته، قال: إني أريد أن أستعملك، فقال النعمان: أما جابيا فلا ولكن غازيا، قال عمر: فأنت غاز فوجهه إلى أصبهان، فلما وصل وجمع جنده قال لهم: إني هاز لوائي ثلاث مرات، فأما الهزة الأولى: فقضى رجل حاجته وتوضأ، وأما الثانية: فنظر رجل في سلاحه وفي نعله فأصلحه، وأما الثالثة: فاحملوا على العدو وإني داع بدعوة فعزمت على كل امرئ منكم لما أمّن عليها: اللهم أعط اليوم النعمان شهادة في نصر المسلمين وافتح عليهم. فكان أول صريع وفي رواية قال: اللهم إني أسألك أن تقر عيني اليوم بفتح يكون فيه عز الإسلام وذل يذل به الكفار ثم اقبضني إليك بعد ذلك على الشهادة، أمّنوا يرحمكم الله. فأمّنا وبكينا([12]).
لا إيثار في الجنة: لما خرج رسول الله إلى بدر أراد سعد بن خيثمة وأبوه جميعا الخروج معه. فأمر النبي أن يخرج أحدهما، فاستهما، فقال خيثمة لابنه سعد رضي الله عنهما: إنه لا بد لأحدنا من أن يقيم، فأقم مع نسائك، فقال سعد: لو كان غير الجنة لآثرتك به إني أرجو الشهادة في وجهي هذا فاستهما، فخرج سهم سعد، فخرج مع رسول الله إلى بدر فقتله عمرو بن عبد وُدّ([13]).
تحمل الشدائد في سبيل الله سبحانه:
صبر على إيذاء المشركين وضربهم: عن سعيد بن جبير قال: قلت لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما أكان المشركون يبلغون من أصحاب رسول الله من العذاب ما يعذرون به في ترك دينهم؟ قال: نعم والله إن كانوا ليضربون أحدهم يجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر أن يستوي جالسا من شدة الضر الذي به([14]).
صبر على الجوع في سبيل الله: عن أبي جهاد ، وكان من أصحاب النبي ، فقال له ابنه: يا أبتاه رأيتم رسول الله وصحبتموه والله لو رأيته لفعلت، فقال له أبوه: اتق الله وسدد، فوالذي نفسي بيده، لقد رأيتنا ليلة الخندق وهو يقول: ((من يذهب فيأتينا بخبرهم، جعله الله رفيقي يوم القيامة))، فما قام من الناس أحد من صميم ما بهم من الجوع والقر حتى نادى في الثالثة: ((يا حذيفة))([15]).
وعن ابن مسعود ، قال: نظر رسول الله إلى الجوع في وجوه أصحابه، فقال: ((أبشروا فإنه سيأتي عليكم زمان يغدى على أحدكم بالقصعة من الثريد ويراح عليه بمثلها)) قالوا: يا رسول الله نحن يومئذ خير، قال: ((بل أنتم اليوم خير منكم يومئذ))([16]).
الإنفاق والبذل في سبيل الله:
أ- في تجهيز الجيوش: بعث النبي إلى عثمان يستعينه في جيش العسرة فبعث إليه عثمان بعشرة آلاف دينار فصبت بين يديه فجعل النبي يقلبها بين يديه ويقول: ((غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما أخفيت وما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ما يبالي عثمان ما عمل بعد هذا))([17]).
ب-في إطعام الفقراء: بينما عائشة رضي الله عنها في بيتها إذ سمعت صوتا في المدينة، قالت: ما هذا؟ قالوا: عير لعبد الرحمن بن عوف قدمت من الشام تحمل كل شيء. قال وكانت سبع مائة بعير، قال: فارتجت المدينة من الصوت، فقالت عائشة رضي الله عنها: سمعت رسول الله يقول: ((قد رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا)) فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف، فقال: لئن استطعت لأدخلنها قائما، فجعلها بأقتابها وأحمالها في سبيل الله([18]).
الثلاثاء ديسمبر 15, 2009 11:34 pm من طرف الطيّب
» حَدِيثُ الْيَوْم
الثلاثاء ديسمبر 15, 2009 11:30 pm من طرف الطيّب
» الحجاب
الجمعة يوليو 10, 2009 8:44 pm من طرف نور الأسلام
» حديث الشفاعة
الجمعة يوليو 10, 2009 8:32 pm من طرف نور الأسلام
» الامور التي أمر النبي صلى الله عليه و سلم الاستعاذه منها
الجمعة يوليو 10, 2009 8:05 pm من طرف نور الأسلام
» الإبتسامهٌ
الجمعة يوليو 10, 2009 7:53 pm من طرف نور الأسلام
» فيديو (احذروا السيئات الجارية لفضيلة الشيخ محمد العريفي)
الجمعة يوليو 10, 2009 7:42 pm من طرف نور الأسلام
» هل لكم قلوب
الجمعة يوليو 10, 2009 6:39 pm من طرف نور الأسلام
» اللسان نعمة ونقمة
الإثنين يونيو 29, 2009 5:10 am من طرف نور الأسلام
» مواعظ
الإثنين يونيو 29, 2009 4:33 am من طرف نور الأسلام
» لعبة Jazz Jackrabbit 2
الإثنين يونيو 29, 2009 4:18 am من طرف نور الأسلام
» لعبة الدكتور ، مستشفى خاص فيك وتعالج وتسوي العمليات .. وربي خطيره
الإثنين يونيو 29, 2009 3:54 am من طرف نور الأسلام
» معني بسم الله الرحمان الرحيم
الإثنين يونيو 29, 2009 3:52 am من طرف نور الأسلام
» ما مضى فات
الإثنين يونيو 29, 2009 3:45 am من طرف نور الأسلام
» تذكر قبل أن تعصي الله
الإثنين يونيو 29, 2009 2:31 am من طرف نور الأسلام
» نضرة الإسلام إلى متبرجة
الإثنين يونيو 29, 2009 2:10 am من طرف نور الأسلام
» هل تسرح فى الصلاة؟؟؟العلاج موجود
الإثنين يونيو 29, 2009 1:58 am من طرف نور الأسلام
» الخيانه
الخميس يونيو 25, 2009 3:43 pm من طرف أبو أسامة الدمياطي
» أكره أن أدخل بطني إلا طيبا
الخميس يونيو 25, 2009 3:20 pm من طرف أبو أسامة الدمياطي
» سلسله اصول الفقه للشيخ احمد حطيبه
الخميس يونيو 25, 2009 7:46 am من طرف فارس الاسلام