ان شهر رجب المحرم اقترب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الزم ان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حُرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان). أما قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ) فقد ذكر بعض أهل العلم في معناه: أن أهل الجاهلية كانوا يتلاعبون بالأشهر الحرم، فإذا طال عليهم توالى ثلاثة أشهر حُرم: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم لا يقاتلون فيها أنفسهم، شق ذلك عليهم وثقل وأرادوا القتال، فماذا يفعلون بمحرم؟ يقدمونه، يؤخرونه، ويستعملونه في القتال، ويحرمون صفر مكانه، ويتلاعبون في الأشهر الحرم، فيقدمون ويؤخرون، ويزيدون وينقصون، ويحلون ما أرادوا تحليله ويحرمون بدلاً منه، إلى أن جاء الإسلام فوافق حجة الوداع رجوع التحريم إلى محرم الحقيقي، ورجع كل شهرٍ إلى حقيقته التي خلق الله عليها السماوات والأرض، وصارت المطابقة بين الواقع وبين ما قدره الله وشرعه، في تلك الحجة -حجة الوداع- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ). أما قوله: (ورجب مضر) فإن مضر: حيٌ من أحياء العرب وقبيلة من قبائلهم، أضاف رجب إليهم؛ لأنهم كانوا أشد العرب تعظيماً له، وسميت الأشهر الحرم لعظم حرمتها، وحرمة الذنب فيها، ولذلك قال الله: فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التوبة:36] وكان القتال محرماً على المسلمين في الأشهر الحرم في أول الإسلام، ثم نسخ بعد ذلك وأمر بقتال المشركين في أي زمان وفي أي مكان، وهذا قول جمهور أهل العلم، ونص على نسخه الإمام أحمد رحمه الله وغيره.
**** ما يفعله الناس من بدع في رجب
فشهر رجب شهرٌ محرم، الذنب فيه أضعاف، وأكثر وأسوأ من الذنب في غيره من الأشهر غير الحرم، ولا شك أن الذنوب تعظم في الأزمنة الفاضلة والأمكنة الفاضلة، والناس عددٌ منهم بدلاً من أن يمسكوا عن ظلم أنفسهم في رجب، فإنهم يظلمون أنفسهم بأشد أنواع الظلم، أو من أشدها وهي البدعة التي هي أشد ذنبٍ بعد الشرك بالله، فيحولون شهر رجب إلى شهر بدعة، فيجعلون فيه صلاة الرغائب التي هي أول ليلة جمعة من شهر رجب، فيصلونها على كيفيةٍ معينة وهي بدعةٌ عند العلماء، ويجعلونه صياماً، والإكثار من الصيام إنما يكون في شعبان والمحرم، والشهر الوحيد الذي يصام كله هو رمضان، ويعتقدون أن عمرة رجب أفضل من غيرها، والمفروض أن الإنسان يعتمر في أي وقتٍ يتيسر له، والعمرة في رمضان تعدل حجة، فاعتمر في رجب أو في غير رجب دون اعتقادٍ لفضلٍ معين، وقد اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع مرات كلهن في ذي القعدة، وبذلك أثبتت عائشة وسكت ابن عمر ، ويحتفلون ببدعة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين منه؛ علماً بأن الإسراء والمعراج لم يثبت أصلاً أنه في السابع والعشرين من رجب فضلاً عن الاحتفال به. ولذلك قال شيخ الإسلام رحمه الله مقعداً هذه القاعدة العظيمة: الزمان ثلاثة أنواع: أولاً: يوماً لم تعظمه الشريعة أصلاً، ولم يكن له ذكرٌ في السلف ، ولم تحدث فيه حادثة معينة. فتعظيمه وتخصيصه بعبادة أو زينة أو احتفال بدعةٌ شنيعة، كأول خميس من رجب ليلة الجمعة التي يصلون فيها صلاةً يسمونها صلاة الرغائب، ويومٌ في وسط رجب فيه صلاة يزعمون أنها صلاة أم داود، وكل ذلك بدعةٌ منكرة، وتخصيص بعض الأيام بصيام وليلها بقيام من بين سائر الليالي والأيام لا يكون ذلك، فينبغي أن يصام منه كأي شهرٍ آخر، مثل أيام البيض والإثنين والخميس، أو صيام يوم وإفطار يوم ونحو ذلك. ثانياً: ما جرت فيه حادثة معينة لم تجر في غيره، ولكن هذا الجريان لهذه الحادثة لا يوجب أن تجعل موسماً، ولا تجعل عيداً ولا تُعظم، كخطبة النبي صلى الله عليه وسلم في غدير خم ، أو المولد، فيوم المولد حدث فيه حدثٌ معين، وهو ولادة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا اليوم ولا الحدث يوجب أن نحتفل به أو نخصصه بعبادةٍ معينة من بين سائر أيام العام، وقد حدث للنبي صلى الله عليه وسلم خطبٌ وعهودٌ ووقائع ومعارك في أيام كثيرة لم يحتفل بها الصحابة، ولم يخصصوها بعبادةٍ معينة. ثالثاً: ما هو معظمٌ في الشريعة، كيوم عاشوراء، ويوم عرفة، والعشر الأواخر من رمضان، والعشر الأوائل من ذي الحجة، وليلة الجمعة ويومها، والعشر الأُول من محرم، ونحو ذلك، فهذه يقتصر فيها على ما فعله السلف ، ولا يحدث فيه أشياء جديدة، وإنما يقتصر على ما ورد عن السلف من الاجتهاد فيها بالعبادة، طول القيام، الصيام، فيما ورد فيه ذلك، والحمد لله. وهكذا تكونون أمةً وسطاً، لا إفراط ولا تفريط ولا غلو، وإنما العبادة وفق ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه و السلف من بعدهم
.
الثلاثاء ديسمبر 15, 2009 11:34 pm من طرف الطيّب
» حَدِيثُ الْيَوْم
الثلاثاء ديسمبر 15, 2009 11:30 pm من طرف الطيّب
» الحجاب
الجمعة يوليو 10, 2009 8:44 pm من طرف نور الأسلام
» حديث الشفاعة
الجمعة يوليو 10, 2009 8:32 pm من طرف نور الأسلام
» الامور التي أمر النبي صلى الله عليه و سلم الاستعاذه منها
الجمعة يوليو 10, 2009 8:05 pm من طرف نور الأسلام
» الإبتسامهٌ
الجمعة يوليو 10, 2009 7:53 pm من طرف نور الأسلام
» فيديو (احذروا السيئات الجارية لفضيلة الشيخ محمد العريفي)
الجمعة يوليو 10, 2009 7:42 pm من طرف نور الأسلام
» هل لكم قلوب
الجمعة يوليو 10, 2009 6:39 pm من طرف نور الأسلام
» اللسان نعمة ونقمة
الإثنين يونيو 29, 2009 5:10 am من طرف نور الأسلام
» مواعظ
الإثنين يونيو 29, 2009 4:33 am من طرف نور الأسلام
» لعبة Jazz Jackrabbit 2
الإثنين يونيو 29, 2009 4:18 am من طرف نور الأسلام
» لعبة الدكتور ، مستشفى خاص فيك وتعالج وتسوي العمليات .. وربي خطيره
الإثنين يونيو 29, 2009 3:54 am من طرف نور الأسلام
» معني بسم الله الرحمان الرحيم
الإثنين يونيو 29, 2009 3:52 am من طرف نور الأسلام
» ما مضى فات
الإثنين يونيو 29, 2009 3:45 am من طرف نور الأسلام
» تذكر قبل أن تعصي الله
الإثنين يونيو 29, 2009 2:31 am من طرف نور الأسلام
» نضرة الإسلام إلى متبرجة
الإثنين يونيو 29, 2009 2:10 am من طرف نور الأسلام
» هل تسرح فى الصلاة؟؟؟العلاج موجود
الإثنين يونيو 29, 2009 1:58 am من طرف نور الأسلام
» الخيانه
الخميس يونيو 25, 2009 3:43 pm من طرف أبو أسامة الدمياطي
» أكره أن أدخل بطني إلا طيبا
الخميس يونيو 25, 2009 3:20 pm من طرف أبو أسامة الدمياطي
» سلسله اصول الفقه للشيخ احمد حطيبه
الخميس يونيو 25, 2009 7:46 am من طرف فارس الاسلام