قال محمد بن إسحاق : كان قبل زكريا ويحيى وهو ممن بشر بعيسى ومحمد عليهما السلام.
وكان في زمانه ملك اسمه حزقيا على بني إسرائيل ببلاد بيت المقدس ، وكان سامعاً مطيعاً لشعيا فيما يأمره به وينهاه عنه من المصالح، وكانت الأحداث قد عظمت في بني إسرائيل، فمرض الملك وخرجت في رجله قرحة، وقصد بيت المقدس ملك بابل في ذلك الزمان وهو الملك سنحاريب .( وكان ملك الدنيا) في ذلك الزمان، فحضر في ستمائة ألف راية (أي كان عددهم لا يوصف لكثرتهم ،، ويقال بأنه كان عددهم حوالي المليون مقاتل ..
وفزع الناس فزعاً عظيماً شديداً (حيث كان عدد جيشهم لا يزيد على بضعة آلآف مقاتل فقط ). وقال الملك للنبي شعيا: ماذا أوحى الله إليك في أمر سنحاريب وجنوده ؟ فقال : لم يوح إليّ فيهم شيء بعد . ثم نزل عليه الوحي بالأمر للملك حزقيا بأن يوصي ويستخلف على ملكه من يشاء ، فإنه قد اقترب أجله . فلما أخبره بذلك أقبل الملك على القبلة فصلى وسبح ودعا وبكى ، فقال هو يبكي ويتضرع إلى الله عز وجل بقلب مخلص وتوكل وصبر : اللهم رب الأرباب وإله الآلهة يا رحمن يا رحيم ، يا من لا تأخذه سنة ولا نوم اذكرني بعملي وفعلي وحسن قضائي على بني إسرائيل وذلك كله كان منك فأنت أعلم به من نفسي ، سري وإعلاني لك .
قال : فاستجاب الله له ورحمه ، وأوحى الله إلى شعيا أن يبشره بأنه قد رحم بكاءه ، وقد أخر في أجله خمس عشرة سنة ، وسوف ينجيه من عدوه سنحاريب . فلما قال له ذلك خر ساجداً وقال في سجوده : اللهم أنت الذي تعطي الملك من تشاء وتنزعه ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء ، عالم الغيب والشهادة ، فأنت الأول والآخر ، والظاهر والباطن ، وأنت ترحم وتستجيب دعوة المضطرين .
فلما رفع رأسه أوحى الله إلى شعيا أن يأمره أن يأخذ ماء التين فيجعله على قرحته فيشفى ويصبح قد برئ . ففعل ذلك فشفي . وأرسل الله على جيش سنحاريب الموت ، فأصبحوا وقد هلكوا كلهم سوى سنحاريب وخمسة من أصحابه ، منهم بختنصر ، فأرسل ملك بني إسرائيل فجاء بهم ، فجعلهم في الأغلال ، وطاف بهم في البلاد على وجه التنكيل بهم ، والإهانة لهم ، سبعين يوما ً، ويطعم كل واحد منهم كل يوم رغيفين من شعير ، ثم أودعهم السجن ، وأوحى الله تعالى إلى شعيا : أن يأمر الملك بإرسالهم إلى بلادهم ، لينذروا قومهم ما قد حلّ بهم ، فلما رجعوا جمع سنحاريب قومه وأخبرهم بما قد كان من أمرهم فقال له السحرة والكهنة : إنا أخبرناك عن شأن ربهم وأنبيائهم فلم تطعنا ، وهي أمة لا يستطيعها أحد من ربهم ، فكان أمر سنحاريب مما خوفهم الله به فكان أمر هزيمة سنحاريب عبرة لكل المشركين والوثنيين . ثم مات سنحاريب بعد سبع سنين .
قال ابن إسحاق : ثم لما مات حزقيا ملك بني إسرائيل مرج أمرهم ، واختلطت أحداثهم ، وكثر شرهم ، فأوحى الله تعالى إلى شعيا ، فقام فيهم ، فوعظهم وذكّرهم ، وأخبرهم عن الله بما هو أهله ، وأنذرهم بأسه وعقابه إن خالفوه وكذبوه . فلما فرغ من مقالته عَدوا عليه ، وطلبوه ليقتلوه ، فهرب منهم فمر بشجرة فانفلقت له ، فدخل فيها وأدركه الشيطان فأخذ بهدبة ثوبه فأبرزها ( ليعرف الناس مكانه ) .. فلما رأوا ذلك جاءوا بالمنشار فوضعوه على الشجرة فنشروها ونشروه معها فإنا لله وإنا إليه راجعون.
هناك بعض الفوائد والعبر الهامّة في تلك القصّة ،، ومن أهمّها
إن الرسل والأنبياء ، وكذلك العلماء الصالحين الربّانيين ، هم منارات عظيمة يستضاء بهم ،، فهم بركة ورحمة للعباد على وجه الأرض .. وأنه في إتـّباعهم تكون السعادة والإستقرار للرعيّة والحكّام وللعباد والبلاد .
إن من يكون مع الله تعالى لا يمكن هزيمته إطلاقا .. حيث نجد في قصّتنا هذه كيف أهلك الله تعالى جيش الوثنيين بكامله تقريبا ، وكان عددهم حوالي المليون مقاتل دون أن يقتل او يخدش أي شخص من عباد الله المؤمنين .
ومن لا يكون مع الله تعالى فإن الله يتخلّى عن نصرته .
لقد جرت سنّة الحياة بأن الناس تهاب الحاكم القوي وتنقاد له ، بصرف النظر عن اعتقاده أو صلاحه .. فبقوّة الحاكم تجتمع الناس وتتوحّد ، وتكون الدولة القويّة المنيعة ،، والعكس بالعكس تماما.. ونحن نرى بأنه من خلال هذه القصّة بأن الناس في غياب الملك القوي سيكون مصيرهم الفرّقة والضعف ،، وسيرفضوا النصيحة حتى ولو جاءت من أحد أنبياء الله !!! وربما أهانوه ، او قتلوه كما حصل لهذا النبي الكريم .
إن طبيعة الشيطان هي شرّيرة وخبيثة !!! فهو كل همّه ان يساعد الناس على إغضاب ربّ العالمين ،،، وانه لا يدلّهم إلاّ على الشرّ وعلى فعله !!!
أعاذنا الله وإياكم منه ومن كيده ومكره وشرّه وتقبّلوا جميل تحياتي
الثلاثاء ديسمبر 15, 2009 11:34 pm من طرف الطيّب
» حَدِيثُ الْيَوْم
الثلاثاء ديسمبر 15, 2009 11:30 pm من طرف الطيّب
» الحجاب
الجمعة يوليو 10, 2009 8:44 pm من طرف نور الأسلام
» حديث الشفاعة
الجمعة يوليو 10, 2009 8:32 pm من طرف نور الأسلام
» الامور التي أمر النبي صلى الله عليه و سلم الاستعاذه منها
الجمعة يوليو 10, 2009 8:05 pm من طرف نور الأسلام
» الإبتسامهٌ
الجمعة يوليو 10, 2009 7:53 pm من طرف نور الأسلام
» فيديو (احذروا السيئات الجارية لفضيلة الشيخ محمد العريفي)
الجمعة يوليو 10, 2009 7:42 pm من طرف نور الأسلام
» هل لكم قلوب
الجمعة يوليو 10, 2009 6:39 pm من طرف نور الأسلام
» اللسان نعمة ونقمة
الإثنين يونيو 29, 2009 5:10 am من طرف نور الأسلام
» مواعظ
الإثنين يونيو 29, 2009 4:33 am من طرف نور الأسلام
» لعبة Jazz Jackrabbit 2
الإثنين يونيو 29, 2009 4:18 am من طرف نور الأسلام
» لعبة الدكتور ، مستشفى خاص فيك وتعالج وتسوي العمليات .. وربي خطيره
الإثنين يونيو 29, 2009 3:54 am من طرف نور الأسلام
» معني بسم الله الرحمان الرحيم
الإثنين يونيو 29, 2009 3:52 am من طرف نور الأسلام
» ما مضى فات
الإثنين يونيو 29, 2009 3:45 am من طرف نور الأسلام
» تذكر قبل أن تعصي الله
الإثنين يونيو 29, 2009 2:31 am من طرف نور الأسلام
» نضرة الإسلام إلى متبرجة
الإثنين يونيو 29, 2009 2:10 am من طرف نور الأسلام
» هل تسرح فى الصلاة؟؟؟العلاج موجود
الإثنين يونيو 29, 2009 1:58 am من طرف نور الأسلام
» الخيانه
الخميس يونيو 25, 2009 3:43 pm من طرف أبو أسامة الدمياطي
» أكره أن أدخل بطني إلا طيبا
الخميس يونيو 25, 2009 3:20 pm من طرف أبو أسامة الدمياطي
» سلسله اصول الفقه للشيخ احمد حطيبه
الخميس يونيو 25, 2009 7:46 am من طرف فارس الاسلام