[color=red]حالها في الجاهلية:
في الجاهلية وقبل لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت خديجة رضي الله عنها امرأة ذات مال وتجارة رابحة، فكانت تستأجر الرجال لتجارتها وتبعثهم بها إلى الشام، ومرت الأيام ووصل إلى مسامعها ذكر "محمد بن عبد الله" كريم الأخلاق، الصادق الأمين، وكان قل أن تسمع في الجاهلية بمثل هذه الصفات، فأرسلت إليه وعرضت عليه الخروج في مالها تاجرا إلى الشام وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار.
وحينها قبل ذلك منها صلى الله عليه وسلم، وخرج في مالها ومعه غلامها ميسرة حتى قدم الشام، وهناك نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب، فاطلع الراهب إلى ميسرة وقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ قال ميسرة: هذا الرجل من قريش من أهل الحرم، فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي، ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد، ولما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به، فربح المال ضعف ما كان يربح أو أكثر.
وأخبرها ميسرة عن كرم أخلاقه صلى الله عليه وسلم وصفاته المتميزة التي وجدها فيه أثناء الرحلة، فرغبت في الزواج منه، وتحكي السيدة نفيسة بنت منية قصة هذا الزواج فتقول:"كانت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي امرأة حازمة جلدة شريفة أوسط قريش نسبا وأكثرهم مالا، وكل قومها كان حريصا على نكاحها لو قدر على ذلك قد طلبوها وبذلوا لها الأموال، فأرسلتني دسيسا إلى محمد بعد أن رجع من الشام فقلت: يا محمد، ما يمنعك أن تزوج؟
فقال: ما بيدي ما أتزوج به.
قلت: فإن كفيت ذلك ودعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تجيب؟
قال: فمن هي؟ قلت: خديجة.
قال: وكيف بذلك؟ قلت: عليّ.
قال: وأنا أفعل.
فذهبت فأخبرتها، فأرسلت إليه أن ائت لساعة كذا وكذا، وأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها، - وقيل إن الذي أنكحه إياها أبوها خويلد - فحضر ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمومته، فتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنه وخديجة يومئذ بنت أربعين سنة
وكان قد قُدَّر لخديجة رضي الله عنها أن تتزوج مرتين قبل أن تتشرَّف بزواجها من رسول الله، وهي وإن كانت تزوجت مرتين، إلا أنها لم تطلَّق مرتين، بل مات عنها زوجاها،
وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الوحي، وعاشت معه خمساً وعشرين سنة، رُبع قرن، فقد بدأ معها في الخامسة والعشرين من عمره، وكانت هي في الأربعين، وظلا معا إلى أن توفاها الله وهي في الخامسة والستين، وكان عمره صلى الله عليه وسلم في الخمسين، وهي أطول فترة أمضاها النبي مع هذه الزوجة الطاهرة من بين زوجاته جميعا، وهي وإن كانت في سن أمه صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أقرب الزوجات إليه، فلم يتزوج عليها غيرها طيلة حياتها، وكانت أم ولده الذكور والإناث إلا إبراهيم عليه السلام، فإنه من مارية القبطية، فكان له منها صلى الله عليه وسلم: القاسم وبه كان يُكنّى، وعبد الله، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة.
إسلامها
كانت خديجة رضي الله عنها قد ألقى الله في قلبها صفاء الروح ونور الإيمان والاستعداد لتقبل الحق، فحين نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء (اقرأباسم ربك الذي خلق) رجع ترجف بوادره وضلوعه حتى دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع.
وهنا قال لخديجة: "أي خديجة، ما لي لقد خشيت على نفسي"، وأخبرها الخبر، فردت عليه خديجة بما يطيب من خاطره ويهدأ من روعه فقالت:
"كلا أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".
خديجة..العفيفة الطاهرة..
كان أول ما يبرز من ملامح السيدة خديجة رضي الله عنها الشخصية صفتي العفة والطهارة، هاتان الصفتان التي قلما تسمع عن مثلهما في بيئة لا تعرف حراما ولا حلالا.. في بيئة تفشت فيها الفاحشة حتى كان البغايا يضعن شارات حمراء تنبئ بمكانهن.. في بيئة جاهلية ويكفي ما تحويه هذه الصفة وما تعبر عنه...
وفي ذات هذه البيئة ومن بين نسائها انتزعت هذه المرأة العظيمة هذا اللقب الشريف ولقبت بـ"الطاهرة"، كما لقب صلى الله عليه وسلم أيضا في ذات البيئة بـ"الصادق الأمين" ولو كان لهذه الألقاب سمع أو انتشار في هذا المجتمع آنذاك لما كان لذكرها ونسبتها لأشخاص بعينهم أهمية تذكر.
خديجة.. الحكيمة العاقلة..وتلك هي السمة الثانية أو الملمح الآخر الذي تميز به شخص السيدة خديجة رضي الله عنها، فكل المصادر التي تكلمت عن السيدة خديجة رضي اله عنها وصفتها بـ "الحزم والعقل"، كيف لا وقد تجلت مظاهر حكمتها وعقلانيتها منذ أن استعانت به صلى الله عليه وسلم في أمور تجارتها، وكانت قد عرفت عنه الصدق والأمانة.
ثم كان ما جاء في أبلغ صور الحكمة وذلك حينما فكرت في الزواج منه صلى الله عليه وسلم، بل وحينما عرضت الزواج عليه في صورة تحفظ ماء الوجه؛ حيث أرسلت السيدة نفيسة بنت منية دسيسا عليه بعد أن رجع من الشام، ليظهر وكأنه هو الذي أرادها وطلب منها أن يتزوجها.
وكونها رضي الله عنها من أوسط قريش نسبا، وأكثرهم مالا، وكان كل قومها حريصا على الزواج منها، وكان منهم من قد طلبها وبذل لها الأموال.. ثم هي ترفض كل ذلك، وليس هذا فقط بل ترغب في الزواج وممن؟ من محمد، ذلك الفقير.. المسكين.. اليتيم.. المعدم!! وهذا في حد ذاته عين الحكمة.
فلم تكن خديجة رضي الله عنها مراهقة حتى يقال أنها شغفت به، بل كانت آنذاك في الأربعين من عمرها، وهو مبلغ العقل والحكمة في الرجال والنساء، ولم تكن خديجة رضي الله عنها تعرفه منذ زمن بعيد حتى يقال أنها ألفته أو كانت تعرفه عن قرب، فإن بعثة تجارة الشام الوحيدة وحكاية ميسرة عنه هي التي عرفتها به.
ثم هي وبعد الزواج نرى منها كمال الحكمة وكمال رجاحة العقل، فها هي تستقبل أمر الوحي الأول بعقلانية قل أن نجدها في مثل هذه الأحوال بالذات؛ فقد رفضت أن تفسر الأمر بخزعبلات أو أوهام، بل استنتجت بعقليتها الفذة وحكمتها التي ناطحت السحاب يوم ذاك أن الله لن يخزيه، لماذا ياخديجة؟ وكيف استنتجتي ذلك..؟ فكان الجواب:
إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضعيف، وتعين على نوائب الحق.. إذ إن من وفقه الله لمثل ذلك وتخلق بمثل هذه الأخلاق - في رأيها - فلن يخزيه الله أبدًا ثم أخذته إلى ورقة بن نوفل ليدركا الأمر، وهذه طريقة عقلانية منطقية بدأت بالمقدمات وانتهت بالنتائج المترتبة على هذه المقدمات، فيالها من عاقلة، ويالها من حكيمة!!
عدل سابقا من قبل nany في الخميس مايو 07, 2009 6:08 am عدل 1 مرات
الثلاثاء ديسمبر 15, 2009 11:34 pm من طرف الطيّب
» حَدِيثُ الْيَوْم
الثلاثاء ديسمبر 15, 2009 11:30 pm من طرف الطيّب
» الحجاب
الجمعة يوليو 10, 2009 8:44 pm من طرف نور الأسلام
» حديث الشفاعة
الجمعة يوليو 10, 2009 8:32 pm من طرف نور الأسلام
» الامور التي أمر النبي صلى الله عليه و سلم الاستعاذه منها
الجمعة يوليو 10, 2009 8:05 pm من طرف نور الأسلام
» الإبتسامهٌ
الجمعة يوليو 10, 2009 7:53 pm من طرف نور الأسلام
» فيديو (احذروا السيئات الجارية لفضيلة الشيخ محمد العريفي)
الجمعة يوليو 10, 2009 7:42 pm من طرف نور الأسلام
» هل لكم قلوب
الجمعة يوليو 10, 2009 6:39 pm من طرف نور الأسلام
» اللسان نعمة ونقمة
الإثنين يونيو 29, 2009 5:10 am من طرف نور الأسلام
» مواعظ
الإثنين يونيو 29, 2009 4:33 am من طرف نور الأسلام
» لعبة Jazz Jackrabbit 2
الإثنين يونيو 29, 2009 4:18 am من طرف نور الأسلام
» لعبة الدكتور ، مستشفى خاص فيك وتعالج وتسوي العمليات .. وربي خطيره
الإثنين يونيو 29, 2009 3:54 am من طرف نور الأسلام
» معني بسم الله الرحمان الرحيم
الإثنين يونيو 29, 2009 3:52 am من طرف نور الأسلام
» ما مضى فات
الإثنين يونيو 29, 2009 3:45 am من طرف نور الأسلام
» تذكر قبل أن تعصي الله
الإثنين يونيو 29, 2009 2:31 am من طرف نور الأسلام
» نضرة الإسلام إلى متبرجة
الإثنين يونيو 29, 2009 2:10 am من طرف نور الأسلام
» هل تسرح فى الصلاة؟؟؟العلاج موجود
الإثنين يونيو 29, 2009 1:58 am من طرف نور الأسلام
» الخيانه
الخميس يونيو 25, 2009 3:43 pm من طرف أبو أسامة الدمياطي
» أكره أن أدخل بطني إلا طيبا
الخميس يونيو 25, 2009 3:20 pm من طرف أبو أسامة الدمياطي
» سلسله اصول الفقه للشيخ احمد حطيبه
الخميس يونيو 25, 2009 7:46 am من طرف فارس الاسلام